في خطوة جديدة تنم عن رغبة الحكومة في إعادة تنظيم معايير الدعم الاجتماعي للطلبة، خرج مرسوم جديد ينظم شروط الاستفادة من المنح الجامعية، ويعيد ترتيب الأولويات وفق مقاربة تقوم على الاستحقاق الاجتماعي والعلمي. فابتداءً من الموسم الجامعي المقبل، لم يعد كافيًا أن يكون الطالب حاملاً لشهادة البكالوريا للاستفادة من المنحة، بل أصبح لزامًا عليه وعلى أسرته الانخراط في مسطرة رقمية مركبة، تبدأ بالتسجيل في السجل الوطني للسكان وتنتهي بتأكيد المعطيات داخل السجل الاجتماعي الموحد، وهي الآلية التي ستعتمدها الدولة لتحديد الأسر المستحقة فعليًا لهذا الدعم.
الشرط الأساسي الآن هو أن تكون الأسرة مسجلة في نظام RSU، وأن يتم تقييم وضعها بناءً على مؤشرات مادية واجتماعية دقيقة، مما يجعل الدعم يستهدف بشكل أكثر دقة الفئات الهشة والمعوزة. أما بالنسبة للطلبة الذين حصلوا على المنحة في السنوات الماضية، فإنهم مطالبون بتسوية وضعيتهم داخل هذا النظام، وإلا فإنهم مهددون بفقدانها بشكل أوتوماتيكي، بغض النظر عن المعدلات أو سنوات الدراسة السابقة. ويبدو أن هذا التحول جاء ضمن خطة حكومية شاملة تهدف إلى ترشيد النفقات وتوجيه الدعم نحو مستحقيه الحقيقيين.
المثير في هذه المستجدات، هو أن لجنة مركزية وزارية ستتولى البت في الملفات، بعدما كان ذلك من اختصاص اللجان الإقليمية، مما يؤشر على رغبة الدولة في توحيد المعايير وضبطها على المستوى الوطني. اللجنة ستتشكل من ممثلين عن خمس وزارات، في مقدمتها وزارة التعليم العالي، ما يعني أن القرار لم يعد يخضع للاعتبارات المحلية، بل بات محكومًا بمنطق مركزي صارم.
من جهة أخرى، لم يغفل المرسوم فئة الطلبة في سلكي الماستر والدكتوراه، حيث أقر أن منح سلك الماستر ستُمنح إما بناءً على الحاجة الاجتماعية أو على التفوق العلمي أو الاثنين معًا، فيما ستُخصص منح الدكتوراه فقط للطلبة المتفوقين أكاديميًا. أما الأشخاص في وضعية إعاقة، فقد خُصصت لهم إجراءات تفضيلية تُمكنهم من الترشح بشكل مباشر بعد تقديم طلب كتابي وشهادة طبية تثبت حالتهم.
وبينما يُنتظر أن تنطلق عملية تقديم طلبات المنحة على منصة "منحتي" ابتداءً من 20 يوليوز الجاري، فإن الآباء والأمهات وجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة مرتبطة بالرقمنة والإجراءات الإدارية التي قد تعرقل استفادة أبنائهم، خصوصًا في العالم القروي والمناطق النائية. ومع ارتفاع تكاليف التعليم الجامعي وتدهور القدرة الشرائية، تظل المنحة الدراسية بالنسبة لعدد كبير من الأسر المغربية بمثابة حبل النجاة لضمان استمرارية الأبناء في دراستهم، وهو ما يجعل من هذه الشروط الجديدة موضوع جدل واسع قد يمتد صداه إلى قبة البرلمان في الأشهر المقبلة.