الصخيرات… مدينة بلا خُضرة ولا مرافق عمومية: تنمية غائبة ومسؤوليات معلّقة

رغم موقعها الاستراتيجي على ضفاف المحيط الأطلسي وقربها من العاصمة الرباط، ما زالت مدينة الصخيرات تعيش مفارقة مؤلمة: اتساع عمراني بلا روح، وأحياء صفيحية تنتقل من مكان إلى آخر دون حلول جذرية، وغياب شبه تام للمجال الأخضر والساحات العمومية التي تمنح للمدن هويتها الإنسانية.

مدينة تنمو خارج التخطيط

في السنوات الأخيرة، تحولت الصخيرات إلى نقطة استقطاب لساكنة دور الصفيح القادمة من مختلف جماعات إقليم الصخيرات–تمارة ونواحيه، لكن هذا الاستقطاب لم يُواكَب برؤية تنموية واضحة أو تخطيط عمراني متوازن. النتيجة: أحياء مكتظة، غياب متنفسات طبيعية، وشوارع ضيقة تختنق بالحركة اليومية.

المشهد يوحي أن المدينة تكبر فقط بعدد السكان، لا بمشاريع التنمية. لا حدائق، لا ساحات عمومية، ولا مرافق اجتماعية قادرة على احتضان الشباب والأطفال. وحدها المقاهي والفوضى العمرانية تملأ الفراغ.

تناقض صارخ مع التوجهات الملكية

ما يزيد من حدة الإشكال هو أن هذا الواقع يتناقض تماماً مع السياسة الملكية الواضحة، التي جعلت من "العيش الكريم" للمواطنين حجر الزاوية في كل البرامج التنموية. جلالة الملك محمد السادس دعا منذ بداية عهده إلى محاربة السكن غير اللائق، وإعادة هيكلة الأحياء، وبناء مدن خضراء تحفظ كرامة المواطن.

لكن في الصخيرات، يبدو أن القرارات المحلية لا تنسجم مع هذا التوجه. فالمجالس المنتخبة والسلطات الترابية، بدل أن تترجم التوجيهات إلى مشاريع ملموسة، تنشغل بصراعات انتخابية ضيقة ومصالح آنية، تاركة الساكنة أمام واقع هشّ يفتقر إلى أبسط شروط الحياة العصرية.

من يتحمل المسؤولية؟

يتساءل السكان: من المسؤول عن هذه الفجوة التنموية؟ هل هي الجماعة الترابية التي تفتقد لرؤية واضحة وتكتفي بتدبير يومي متعثر؟ أم السلطات الإقليمية التي لا تحرك ساكناً أمام التدهور العمراني والاجتماعي؟ أم أن المشكل في غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث تمر الولاية الانتخابية تلو الأخرى دون أثر ملموس على الأرض؟

غياب المرافق الاجتماعية… شباب في عزلة

الأطفال والشباب في الصخيرات يجدون أنفسهم بلا مكتبات عمومية، بلا مراكز ثقافية أو شبابية، بلا ملاعب للقرب. هذا الفراغ يجعلهم عرضة للانحراف أو الهدر المدرسي، في وقت يفترض أن تكون المرافق الاجتماعية أداة للاندماج والتكوين وحماية الطفولة.

الصخيرات… إلى أين؟

الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من التسويف. ساكنة الصخيرات تطالب اليوم بفتح تحقيق شفاف حول مصير المشاريع التنموية، ومساءلة المنتخبين عن غياب الحدائق والمرافق، وعن استمرار استقطاب دور الصفيح دون بدائل حضرية تليق بالمدينة.

فالمدينة لا تحتاج إلى وعود انتخابية جديدة، بل إلى إرادة سياسية حقيقية تنسجم مع المشروع الملكي لبناء مغرب حديث، يُعيد للساكنة حقهم في مجال أخضر ومرافق عمومية تحفظ كرامتهم.

ويبقى السؤال المفتوح: هل تبقى الصخيرات مجرد تجمع عمراني بلا روح، أم تتدارك الدولة والمنتخبون الأمر قبل فوات الأوان؟

بقلم : عادل محمدات

إرسال تعليق

أحدث أقدم